الأحد، 16 أغسطس 2020

ما أمام الطبيعة!



في أيام مراهقتي حينما كان فتى أحلام الفتيات يتباين بين توم كروز وباكستريت بويز أو حتى عمرو دياب في مصر وهيثم يوسف في العراق

كان د. رفعت إسماعيل هو أكثر من يثير اهتمامي، الشخصية الخيالية، بطل سلسلة روايات الجيب، روايات ماوراء الطبيعة.
دكتور أمراض الدم، النحيل كقلم رصاص، والذي يشبه نفسه بعصا المكنسة الصلعاء. الطبيب المهتم بعالم الماورائيات والذي يقضي أوقاته بين رعب المستنقعات ويطارد أوهاماً خلف كهوف دراجوستان. الطبيب الذي ظل لعقود يحب الإنجليزية الرقيقة ماجي، التي لم تكن تثني من العشب عودًا واحدًا.
الساخر الذي كانت أمي تكتشف أنني أقرأ قصصه مخبأة في كتب الفيزياء والكيمياء حينما تسمعني أضحك وأنا لوحدي في غرفتي! بالتأكيد لاشئ مضحك في الكيمياء العضوية أو في دوران العزم!
القصص التي كانت معنونة للمراهقين كانت فعليًا كنزًا من المعلومات والثقافة السينمائية والعلمية، بالإضافة إلى منجمٍ من الأخلاقيات والقيم التي لم تكن لتترسخ في عقول شباب بعمري إن لم يتم سردها كقصص مشوقة وليست أية قصص! قصص رعب يتم فيها تفنيد الخرافات وإعطاء مسحة شاعرية لأساطير البلدان المختلفة في التاريخ عبر القضايا التي يحلها الدكتور رفعت اسماعيل في كل رواية مصغرة.
هذه الروايات وطّدت صداقاتي مع من كانوا يقرأونها وينتظرون مثلي أعدادها كل شهر، في حالتي كنا معظم الوقت ننتظر معرض الكتاب حين كنتُ أعيش في صنعاء، قراءة عدد جديد كانت لديه طقوس خاصة مبهجة جدًا لي، لم أكن أستطيع النوم حتى إكمال الكتيب الذي في يدي مع تعليم نفسي ضبط النفس حتى أحدد لكل عدد يوما مختلفا كي لا تنتهي هذه المغامرات سريعا.
الآن وفي جرأة مثيرة للإعجاب، قامت نيتفليكس بإنتاج أول مسلسل من نوعه عن روايات ماوراء الطبيعة، عند إعلان الخبر العديد من قراء الدكتور أحمد خالد توفيق تخوفوا من الخطوة لأن شخصيتهم المفضلة والمتشكلة في أذهانهم منذ مايقارب عشرين عاما يصعب أن تتجسد بشكل مرضٍ يواكب الصورة الخيالية في ذهن كلٍ منّا.
قبل يومين طرحت نيتفليكس الصور الأولى من العمل المفترض عرضه في نوفمبر القادم.
الحق يقال، شعرتُ بشعور غريب جداً حين رأيت هذه الصورة، الصورة تقترب بنسبة 99 بالمائة مما كنتُ أتخيله، أحسستُ كأنني أنظر إلى صديق قديم كنتُ أراه كثيراً.
الدكتور رفعت إسماعيل جالساً على مكتبه وهو يرتدي بدلته الكحلية التي تجعله فاتناً،
المجهود الجبار للعبقري عمرو سلامة والممثل الموهوب جدا أحمد أمين واضحان بشدّة.
قبل حتى أن يعرض العمل، أود شكر كل من كان سبباً أن يظهر للنور، الدكتور أحمد ينظر من أعلى مبتسما وهو يرى أحد أحلامه يتحقق.
ألف رحمة ونور على روحك الطاهرة