الأربعاء، 2 أكتوبر 2013

يا صديقي .. كلنا نعاج!




يا صديقــي .. كـلنا نعـــاج!
حين يطغى الكلب علنـــاً
حين نرشف الذل زمنـــاً
حين يقهر الظلم بَدَنـــــاً
ويحيا الكل .. خلف السياج
لا تقل لي .. لسنا نعـــــاج!
حين تحكمنا الحثالة 
حين يـعبّـوا دمّنا .. حتى الثمالـة
حين تتحول أرضنا
من أفضل حالٍ .. إلى أسوأ حالة
لا تقل لي .. لسنا نعاج!
حين نعلم بجرمهم في كل حيـن
حين نتركهم يـعيـثون مفسديـن
حين نرفع - وكلنا فخرٌ-
صور الـمجـرمين
لا تقل لي .. لسنا نعاج!
حين نصدق بكل غباء ما يقولون
حين يقتل بعضنا بعضاً 
نموت نحن .. وهم يعيشون
حين نبرر لهم كل ما يفعلون 
ونحن نراهم ..
ينهبون .. يسرقون .. يقتلون
رجاءً ..
لا تقل لي .. لسنا نعاج!

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

معجزة!




هذا يوم قد تحدث فيه معجزة! من قال أن زمن المعجزات انتهى؟! كل مافي الأمر أنك أنت الذي لم تعد تراها!
و الحق يقال .. المعجزات أيضا أصبحت لا تكشف نفسها إلا قليلا، ولا تحدث غالبا إلا لمن يؤمن بها، قد يختلف تعريف المعجزة في عصرنا الحالي عما كان عليه الأزمان البالية والعصور الخالية، ففي هذه الأيام لن ترى القمر ينشق! ولا الموتى يصحون من غيبوبتهم الأبدية، ولن ينشق البحر كي ينجو المستضعفون و يهلك المتجبرون في الأرض.

ولكن ما أيقنت منه مؤخراً أن المعجزات تحدث للبشر جميعا دون أية استثناءات، إنها فقط تعتمد على ما يبثونه من طاقة وعلى ما يحملونه فعلا في قلوبهم، من الصعب جدا أن تحدث المعجزة لشخص قلبه يفيض حقدا، أو شخص اعتاد أن يفتري ولو بكلمة على من حوله و اعتاد ايذائهم في غيابهم، صدقني الكلمة تؤذي أكثر بكثير أحيانا، أكثر مما يمكنك تصوره!

حين تملك هذه القدرة على إيذاء الآخرين دون أن تفكر ولو للحظة فيما يمكن أن يحدث في حياتهم بسبب كلمة أطلقتها أنت باستهتار أو خبث، صدقني لن تجد معجزة في هذا العالم بأسره تقبل أن تحدث لك!

قد تعيش في حالة جيدة ولكن لا شئ خارق للعادة، ستبقى الغيرة و الحقد و حب الأذى حاجزا كبيرا جدا بينك وبين النقلات الرائعة التي تحدث لغيرك من البشر و تبقى أنت تتآكل ذاتيا سائلا نفسك: لمَ لست أنا من تحدث له كل هذه الأشياء الرائعة؟ الجواب: راجع مايدور في تفكيرك وراجع مساحة البياض والسواد في قلبك!

قد تكون المعجزات أيضا شيئا اكتشفناه مؤخرا و لم نكن نعلم بو
جوده، منذ ما يقرب من العشرعقود من الزمن و العلماء يتوقعون عبر نظريات عديدة أن الفكرة التي تولد في مخ الإنسان هي شئ ملموس و فيزيائي يتمثل في طاقة و ذبذبة معينة يبثها الإنسان إلى المحيط الخارجي حال تكون الفكرة ، وأن الروح لها وزن معين تم قياسه بما يعادل ٢١ غرام! المعلومة الأخيرة تم إثباتها علميا في منتصف القرن العشرين و لكن مؤخرا معامل البحث و المختبرات الخاصة بالمعهد التقني التابع للمتحف الشميسشوني للتاريخ الطبيعي في واشنطن أثبتت عبر تجارب معملية باستخدام أجهزة قياس دقيقة أنه هناك بالفعل ذبذبة أو تردد معين ينطلق من مخ الإنسان حال تولد فكرة معينة لديه، وقوة هذه الفكرة و تأثيرها في الإنسان هي ما تجعل هذه الذبذبة أقوى أو أضعف. بمعنى أن الفكرة التي تجعلك تنفعل و يتغير مزاجك الداخلي بقوة سواءا للأفضل أو الأسوأ هي ذات الطاقة الأكبر و التردد الأعلى فيزيائيا. حسب هذه التجارب أصبح من الممكن قياس الأفكار!

لذلك لديّ رجاءٌ خاص .. حين يأتي إليك شخص ما و يخبرك بابتسامة الواثق الخبير تلك أن: يا عزيزي، زمن المعجزات انتهى! 
لا تجبه، اسمع كلامي ولاتجبه. نحن أشخاص متحضرون، عقلانيون و من المفترض أننا منطقيون، ولكن بعض الأشياء في هذا الكون لا يتم الإحساس بها إلا بالقلب، وحده القلب ولا شئ غير ذلك.

عن نفسي ما زلت إلى الآن كلما رأيت القمر بدرا و خصوصا إن كان بهذا اللون الفضي الباهت أو المائل إلى السمار أشعر بقلبي يخفق بشدة، منظر البدر حين يكون كبيرا و تحيط به هالة من النور لا يمكن أن أصفه أبدا إلا كمعجزة، صباحك المتجدد كل يوم هو معجزة، ضحكة الطفل الصغير التي تنسيك هموم الدنيا هي معجزة، الإنترنت معجزة، رائحة القهوة معجزة، اللون البنفسجي بتدرجاته معجزة!

آمن بأنه ما دامت نيتك صافية ولا تضمر في قلبك إلا الخير، عليك أن تنتظر معجزات جميلة تحدث في حياتك بين الحين والآخر، ولكن لا تنسَ أبدا أن تبقى ممتنا لله الذي يمطرك بها.
ولنكن منصفين، أحيانا في هذا الزمن المتقلب، المعقد، المقلوب،  مجرد كونك ما زلت إلى الآن سليماً عقلياً .. هذا في حد ذاته معجزة!

الاثنين، 1 يوليو 2013

حرية!


حرية .. حرية .. حرية

أن تكون حرا .. يعني أن تسمح لغيرك أيضا أن يكون حرا

أن تكون حرا .. يعني أن تكون لديك المسؤولية الكاملة عن حياتك .. اختياراتك .. قراراتك .. نجاحاتك .. خساراتك .. آرائك .. اعتقاداتك .. توجهاتك .. إيمانك .. أو حتى عدم إيمانك

أن تكون حرا .. يعني أن تحترم نفسك .. كرامتك .. انسانيتك .. أعدائك قبل أصدقائك

أن تكون حرا .. يعني أن تفهم .. أن تفكر .. أن تعقل .. أن تعي .. أن تدرك .. وأن تحب

أن تكون حرا .. يعني أن تكون مستقلا بنفسك .. منيعا عن الانجراف للأغلبية .. لا مائعا ولا إمعة

أن تكون حرا .. يعني أن تكون مميزا .. مختلفا .. فارقا .. مؤثرا .. تاركا لبصمة ما مهما كانت صغيرة

أن تكون حرا .. يعني أن لاتكون نسخة مكررة لما يريده منك الآخرون .. أن لا تكون صورة تراها حولك في كل مكان

أن تكون حرا .. يعني أن تكون موجودا .. حاضرا .. مسيطرا .. متحكما في نفسك و حياتك لا في نفوس و حيوات الآخرين

أن تكون حرا .. يعني أن تكون عارفا .. عالما .. قارئا .. مدركا للحقائق .. نافيا للإشاعات 

أن تكون  حرا .. يعني أن تكون متغيرا .. لا جامدا كمستنقع آسن .. تتبع الحقيقة أينما وجدتها .. و تقتنع بالحق متى ما 
رأته بصيرتك

أن تكون حرا .. يعني أن تكون شريفا .. لم تلوثك أطماع المصالح والمناصب والبريق و السلطة الزائلة

أن تكون حرا .. يعني أن تكون شجاعا .. لا تخاف في الله لومة لائم .. وكلمة حق عند سلطان جائر هي عقيدتك

أن تكون حرا .. يعني أن تكون كريما .. لا يستعبدك المال ولا يستعبدك الخوف من فقدان المال .. 

أن تكون حرا . يعني أن تكون سيدا .. على نفسك لا على الناس ..

أن تكون حرا .. يعني أن تكون متواضعا .. فلا يكسرك غرورك و لا يهزمك تكبرك

أن تكون حرا .. يعني أن تستوعب أن الدنيا بما فيها و من فيها في نهاية الحال لا تساوي حتى جناح بعوضة 

أن تكون حرا .. يعني أن تكون عظيما .. بأخلاقك لا بجبروتك .. 
أن تكون حرا .. يعني أن تعلم أنك و إن كنت جرما صغيرا .. ففيك انطوى العالم الأكبرُ

أن تكون حرا .. يعني أن تكون صادقا .. مع نفسك قبل الغير .. واضحا شفافا كما الماء الصافي الذي لم تعكره حصاة

أن تكون حرا .. يعني أن تكون إنسانا .. مهما كان دينك .. 
بلدك .. لونك .. جنسك .. شكلك

حرية الأوطان تبدأ عندما نضمن حرية الإنسان ..
فقط لو عرف من يمتهنون العبودية كم هو رائع أن تعيش في حرية! 

حرية .. حرية .. حرية 

الأحد، 5 مايو 2013

أنا والساينتولوجي!


المكان : نيويورك - قرب التايمز سكوير
الزمان: ١١ ليلا


بعد يوم حافل حققت فيه إحدى أمنياتي التي حددتها ضمن قائمة (الأشياء التي أريد أن أفعلها قبل أن أموت) وهي التسوق في نيويورك وبعد قليل من الراحة ولقلة الوقت الذي كنت سأمضيه في نيويورك وبعد التأكد من عدة مصادر على الانترنت أن التايمز سكوير أصبح في الوقت الحاضر من كثر المناطق أمانا في العالم ليلا قررت أن أستغل الوقت وأتفقد التايمز سكوير ليلا.

كان الفندق الذي أقمت فيه يبعد عدة خطوات عن التايمز سكوير .. بدأت أمشي وبين اللوحات الإعلانية الضخمة المبهرة والملصقات المغرية للعروض المسرحية الرائعة لفتت انتباهي على جانبي الأيسر شاشة أنيقة صغيرة موضوعة على بوابة مبنى جميل وتعرض شخصا يتكلم بثقة متناهية وكان يتكلم في شئ يشبه التنمية البشرية، وأثناء مشاهدتي لما تعرضه الشاشة رفعت رأسي لأعلم ماهذا المبنى فقرأت :


CHURCH OF SCIENTOLOGY OF NEW YORK


مرت في بالي أشياء كثيرة عند قراءة العنوان، فقبل فترة قصيرة كنت أقرأ في كتاب عن مقارنة الأديان وقرأت كلاما غير مقنع عن ديانة الساينتولوجي الحديثة نسبيا و كنت قد شاهدت قبلها حلقة من برنامج أوبرا وينفري مع توم كروز يتحدث فيها عن الساينتولوجي الذي أصبح هو من كبار المعلمين فيها (ويقال أنه من أكبر مموليها) .
هنا بدأ الفضول البشري الطاغي عندي يستملك على حواسي بأكملها .. وقبل أن أفكر في أي شئ فتحت الباب سيدة جميلة يوحي شكلها بالمفكرين و العلماء ورحبت بي بأسلوب مبالغ فيه من الاحترام والمودة!
قالت لي: تبدين مهتمة بالساينتولوجي! نحن عادة نكون قد أقفلنا جلساتنا التعريفية في هذا الوقت ولكن لحسن حظك نستطيع أن نفتح جلسة تعريفية خاصة بك لوحدك! 
في تلك اللحظة اجتمع كل الفضول البشري في رأسي ودخلت و كان هذا هو المدخل في الصورة أدناه





وكان في المدخل عدة موظفين يعملون على مكاتبهم في هدوء، وفي اللحظة التي أرادت السيدة أن ترشدني فيها إلى القاعة التي بها الجلسة التعريفية عن الساينتولوجي اقتحم رجل ضخم المكان، بدأ يصرخ بأعلى صوته: أيها المجرمون، أيها المحتالون!
رآني في الزاوية فنظر لي وأكمل صراخه: لا تصدقي هؤلاء، لقد دمروا حياتي، لقد سلبوني كل ما أملك ... وخلال ثواني قفز رجلا أمن وأمسكوه وقيدوا يديه و سحبوه خارج المكان! استدركت السيدة بكل هدوء لا تعطه اهتماما هذا رجل مدمن اعتاد أن يأتي هنا وساعدناه كثيرا ولكنه أبى إلا أن يعود للإدمان والإجرام!! 
بما أنني دخلت مسبقا فلم أجد بدا أن أكمل المشوار .. دخلت قاعة جميلة صغيرة تم تخصيص أحد جدرانها كشاشة ضخمة بدأت تعرض فيلما وثائقيا لحظة جلوسي على المقعد!

الفيلم باختصار كان عن علم الداينتكس الذي قام باختراعه رون هابرد (مؤسس الساينتولوجي) كعلم مساعد في شفاء الناس من الطاقة السلبية التي هي الأساس لكل الأمراض العضوية والنفسية التي تصيب الإنسان. وكيف أن المجالس الطبية في خمسينيات القرن الماضي لم تعترف بالداينتكس كقوة علاجية لهذا قرر رون بمساعدة أصدقائه نشر اكتشافاته وتقنياته العلاجية في كتب حققت أعلى المبيعات! انتهى الفيلم ولم يذكر كلمة واحدة عن الساينتولوجي ولا تم ذكر مصطلح ديانة ولا نصف مرة! أعتقد أن هذا الشئ مقصود كي يتم إفراغ الأفكار المسبقة لدى كل داخل لهذه الجلسة و حين تعمقك في تفاصيل الديانة يبدأون في عرض خصائصها لك .. أو هكذا أظن!

خرجت من العرض و رأيت السيدة بانتظاري وفي يديها أوراق مرتبة و تخبرني بابتسامة عريضة أنه لديهم اختبار مجاني لمعرفة نقاط ضعفك وقوتك وماهي أكبر مشاكلك المتعلقة بشخصيتك؟ لن تخسري شيئا إن جربتيه! 

انخرطت في التجربة و جلست لنصف ساعة أجيب عن الأسئلة التي أعجبتني جدا دقتها كأن السائل يعرف ما تمر به يوميا ومن ثم أتى شخص في معطف طبي مع نظارات طبية وجلس أمامي وبدأ في تحليل شخصيتي بناءا على أجوبتي التي أدخلها إلى جهاز أخرج منه رسما بيانيا يوضح نقاط الضعف و القوة في شخصيتي.
بعد أن أكمل شرحه فوجئت بالشخص الضخم الذي هجم على المكان في بداية دخولي بمصاحبة نفس السيدة أتوا أمامي و قالت السيدة إن الأخ أتى كي يعتذر لي عما بدر منه أمامي و أكمل الرجل: هؤلاء الأشخاص رائعون! لقد ساعدوني في حياتي ولكنني أضعف دائما و هم يسامحونني دائما و يعودون لمساعدتي، أعتذر بشدة عن أي كلمة أساءت لشعورك!

لا أدري لماذا ابتسمت بسخرية لا إرادية وأكملت طريقي إلى الأعلى، لم أفهم الموضوع بوضوح إلى الآن! هل كان هذا عرضا تمثيليا و مسرحيا غرضه إظهار النفوذ ؟؟ مالذي أرادوا أن يصلني من هذه المسرحية القصيرة؟ لا زلت لا أدري!
في المدخل مرة أخرى، عرضت علي سيدة أخرى مجموعة من الكتب التفصيلية عن الداينتكس والساينتولوجي. كنت قد قرأت هذه العناوين في معارض الكتاب وأقوم بتأجيل شراءها في كل مرة.
إلا الكتب! نقطة ضعفي الأكبر والأقوى .. بعد عدة جدالات اشتريت خمسة كتب بسعر يقارب الستون دولارا (وهذا السعر أقل بكثير عن سعر الكتب في مكان إقامتي آنذاك).

خرجت من هناك سالمة مع عدة انطباعات:
١- الداينتكس فرع من فروع الطب البديل يشبه ما تقوله مريم نور عن قوة الإيحاء وما يقوله علماء التنمية البشرة عن الطاقة السلبية والإيجابية.
٢- هؤلاء الناس يعرفون ما يفعلون! قرأت مرة أن المسلمين لديهم أفضل بضاعة وأسوأ خطة تسويق .. هؤلاء بغض النظر عن بضاعتهم فهم محترفون يعرفون ماذا يفعلون وممتازون فيما يفعلون.
٣- المغامرات شئ جميل للغاية.
٤- حاول دائما أن تأخذ المعلومة من مصدرها الأصلي.
٥- الدين أسهل طريقة يحاول بها المسترزقون جني الثروات!

عن التجربة ككل .. ذكرى جميلة وشعور جميل حين تعلم أن الله في قلبك أقوى وأكبر من كل ديانات الدنيا .. الله محبة وهو في روحك وهو من يهديك للحق الذي تعيشه و أنت مطمئن تماما أنك في الطريق الصحيح.

وعن الساينتولوجي .. كما ذكر في وكيبيديا : تشكل مجموعة من التعاليم الدينية والمعتقدات، تستند إلى فلسفة علمانية تأسست عام 1952 من قبل المؤلف رون هوبارد، ثم أعاد نفس المؤلف صياغتها باعتبارها "فلسفة دينية تطبيقية". بالنسبة لهوبارد فإن العلمولوجيا هي كما يمكن أن تفهم من الأصل اللاتيني لوجيا بمعنى خطاب أو دراسة أي علم بالتالي تكون "دراسة العلم أو دراسة المعرفة".


الاثنين، 11 مارس 2013

لا يا ولدي .. إنه العراق!



تعال يا ولدي الصغير أحكي لك عن بلدي .. هل تعرف العراق؟ تلك البقعة المباركة من الأرض، هؤلاء الطيبون. ماذا قلت؟ أهل الشقاق والنفاق؟ لا ياولدي .. لا تكن أنت والزمان عليهم!
هم مساكين يا ولدي، ابتلاهم الله وأسكنهم فوق أكبر ثرواته على هذا الكوكب، طمع فيهم القاصي والداني وأصبح الكل يريد حصة الأسد يلتهمها من هذه البلاد، أهلها ومن عاش على ترابها هم كبش الفداء كل مرة! ماذا تقول؟ ارفع صوتك يا ولدي أنت تعرف أن سمعي أضعفته السنين، ماذا قلت؟ كما تكونون يولى عليكم؟ صدقت ياولدي ولكن صدقني هم أحوج للدعاء منهم للتقريع.

أنت لا تدري ما مروا به من أهوال، لو أن أي شعب آخر مر بما مر به العراقيون على مدى العقود الماضية لكان اختفى من الوجود! نعم أنا معك أن سحابتهم السوداء طالت إقامتها كثيرا و أن حقن دماءهم بات حلما مستحيلا وأن هناك جيلا كاملا وعى على بلد يأكل أبنائه رويدا رويدا.
ماذا؟ بالطبع لا .. لن يبقى الحال كما هو الآن ولكن يبقى أن أخبرك متى سينصلح حال العراق؟ سينصلح الحال حين يعي العراقيون أن سياسييهم الحاليين كلهم فاسدون! كلهم بلا استنثناء .. لا فرق بين المالكي أو أعرجي أو علاوي أو طالباني أو قائمة هؤلاء أو قائمة هؤلاء الذين لا أحفظ أسمائهم لكثرتها! من رضى أن يكون طرفا في مهزلة سياسية كالتي تحدث الآن هو مذنب لامحالة.
فلأخبرك بسر يا ولدي .. أتعلم كم هي ثروة العراق؟ أتعلم المبالغ الناتجة من تصدير النفط حتى بعد أن يأخذ الأمريكان حصتهم المجانية؟ هل تعلم تضخم الثروات المهول لدى هؤلاء السياسيين؟ فكر قليلا، لم يعطنا الله عقلا سدى .. فلأسألك سؤالا آخر .. أنت تسمع كل يوم أن هناك تفجيرا أو اثنين يحصدان أرواح العشرات على الأقل بكل عدالة ومساواة، لا فرق بين رجل و شيخ و امرأة وطفل وطالب وتاجر وعابر سبيل .. كلهم يموتون! والآن أخبرني من المستفيد الوحيد من قتل هؤلاء؟ من في مصلحته أن يبقى الناس مشغولين بعزاءاتهم ومفقوديهم وبحثهم اليائس عن الأمان؟

بالمناسبة نحن كيف عرفنا الله؟ هل رأيناه؟ نعم أحسنت عرفناه بالعقل. إن توقف القتل وتوقفت التفجيرات و هدأت نار الطائفية التي يشعلونها ليل نهار .. مالذي سيفعله الشعب؟ سيلتفت إلى السرقات الضخمة و الفساد المستشري في كل قطاعات الدولة و سيبدأ يحاسب و يراقب من يرتكبها .. ولكن لا مصيبة في الدنيا أعظم من مصيبة الموت .. إذاً فلنلههم بها .. فلنجعل تفكيرهم و أوقاتهم مليئة بتشييع فلان والاحتراس من فلان .. هكذا نضمن لأنفسنا نهبا و سلبا أكثر أمنا وراحة! 

تكلم يا ولدي .. إنني أسمعك .. هل تعتقد فعلا بهذا الوهم الذي زرعوه في عقلك؟ يا ولدي القاعدة هي شماعة لا غير يعلقون عليها كل ما يحدث أو إن كنا واقعيين أكثر أي تنظيم ارهابي مكون من شخصين فأكثر يسعى بفجاجة إلى ربط نفسه بتنظيم القاعدة أو الانتماء لها لمنح نفسه الهيبة المرجوة من خوف الإرهاب! يا بني القاعدة انتهت وما يحدث الآن هو حرب شوارع وعصابات .. ماذا تقول؟ أغلب المتورطين هم من دول مجاورة و عرب مأجورين أو متخمين بفكرة الجهاد ويساهمون في إرهاب البلد؟ قد تكون محقا ولكن يا ولدي هل تعقلها أن يستطيع الأغراب اقتحامك و التغلغل فيك دون أن يكون معهم من يوجههم و يساعدهم ممن يعرفون مخابئ ودواخل الطرقات و الأزقة؟
وقبل كل شئ هل تعقلها أن هناك حكومة في أي دولة في العالم لم تستطع لمدة عشر سنين أن تسيطر على أمن مدنها؟ ولكن إن كان المتكلم مجنونا فيجب أن يكون السامع عاقلا!
أعطني هذه الورقة التي في يدك يا ولدي .. مالذي كتبته فيها؟ 

هل صدقا أحبكِ من أحبوك قبلي؟ 
كلا .. لا أعتقد!
فما ذاب قبلا أحد في العراق مثلي!

هل كتبت هذا بنفسك ياولدي؟ صدقت ياولدي لو أحب العراقيون العراق كما تحبه أنت لتغير الحال كثيرا .. الصمت ياولدي .. الصمت و الجهل هما آفة الشعوب .. كل حاكم في الدنيا منذ الأزل سيطغى ويفجر إن رأى شعبه صامتا .. ذكرتني بأبيات لابن العراق الساخر أحمد مطر و هو يقول:

يا من غدوتم في يديَّ كالدُّمى وكاللعبْ
نعم أنا.. أنا السببْ
في كل ما جرى لكم
فلتشتموني في الفضائياتِ
إن أردتم والخطبْ
وادعوا عليَّ في صلاتكم ورددوا:
"تبت يداهُ مثلما تبت يدا أبي لهبْ"
قولوا بأني خائنٌ لكم
وكلبٌ وابن كلبْ
ماذا يضيرني أنا؟!
ما دام كل واحدٍ في بيتهِ
يريد أن يسقطني بصوتهِ
وبالضجيج والصَخب
أنا هنا، ما زلتُ أحمل الألقاب كلها
وأحملُ الرتبْ.
أُطِلُّ كالثعبان من جحري عليكم، فإذا
ما غاب رأسي لحظةً ظلَّ الذَنَبْ!
هل عرفتم؛ من أنا؟؟؟
أنا رئيس دولةٍ من دول العرب!

هل أدركت وصدقت يا ولدي متى سينصلح حال العراق؟ لا ياولدي لا تقل هذا .. لا تفقد الأمل أبدا ولا تيأس .. شعب صمد منذ الآف السنين سيصمد و يتغلب على هذه الشرذمة! فقط لا تيأس يا ولدي .. لا تيأس .. إنه العراق!

الجمعة، 8 فبراير 2013

لابد من صنعاء وإن طال السفر!






لماذا حين نسرد ما نريد نرى أنفسنا ننتقل من محطة لأخرى متجاهلين العديد من المحطات في المنتصف؟ لماذا هناك بعض الفترات في حياتنا كأنما تم إزالتها نهائيا من الذاكرة؟ ولا حتى رائحة ما تبقى بين طيات الذاكرة! يجوز لأننا لا نريد مجرد التذكر أننا مررنا بتلك الفترات و عانينا منها ما عانينا .. وعلى النقيض تماما، هناك فترات في حياتنا يبقى عبقها في الذاكرة يدوي، يزيد يوما بعد يوم و نتمنى لو عدنا لتلك الأيام التي تم حفر دقائقها في أعمق بقاع القلب والروح ضاربة بالزمن الجاري عرض الحائط.

عن صنعاء أتحدث .. المدينة التي تفوح روائح التاريخ العبقة من جميع أركانها .. كنت أشرد بتفكيري حين أتخيل عدد السنين التي مرت على هذه الأحجار و عدد الناس الذين مروا بهذه المدينة على مر الزمان ..
جاء في كتاب الإكليل للمؤرخ أبو محمد الحسن الهمداني أن سام عليه السلام ابن النبي نوح عليه السلام فكر في السكن في أرض الشمال فأقبل طالعا من الجنوب يرتاد أطيب البلاد حتى صار إلى الأقليم الأول فوجد اليمن أطيبه مسكنا وارتاد اليمن فوجد حقل صنعاء أطيبها فوضع مقرانهُ - وهو الخيط الرفيع الذي يقدر به البناء إذا مد بموضع الأساس - فبنى الركن الذي يوضع عليه الأساس فلما ارتفع الركن بعث الله طائرا اختطف المقرانة وطار بها وسام يتبعه لينظر أين يسقطه، فتوجه الطائر إلى جيوب النعيم، ما ارتفع من الأرض ودون الهضبة، من سفح جبل نقم، فوقع بها، فلما اقترب منه طار بها وطرحها على حرة غمدان ـ والحرة بلهجة أهل اليمن هي الأرض المدرجة في المرتفعات ـ فلما استقرت المقرانة على حرة غمدان علم سام أنه قد أمر بالبناء هناك فأقام قصر غمدان وحفر بئره.



أتذكر حين كنا نخرج من بوابة جامعة صنعاء (حيث كنا نسكن في سكن الأساتذة هناك)، كان أول ما تقع عيني عليه هو النصب الجميل الشامخ والمحفور عليه حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: الإيمان يمان و الحكمة يمانية .. على مدى السنين التي عشتها في صنعاء أجزم بالفعل أن الإيمان يمان .. قلوب الناس هناك نقية وصافية بطريقة لم أرها أبدا في أي مكان آخر .. طيبة الروح التلقائية تراها في الأعين مرسومة و مبتسمة .. الإيمان مزروع عميقا حتى لأنك تحسه يخرج في هالات حول البعض منهم.
نقل الرازي في كتابه عن وهب بن منبه أنه قال: قرأت الكتب التي أنزل الله تعالى فإذا فيها :
( آزال كلٌ عليك ، وأنا أتحنن عليك ، آزال بورك فيك وما حولك)
وروى وهب أيضا أن أهل اليمن اجتمعوا في الجاهلية يريدون غزو صنعاء حتى أقبل طائر في منقاره كتاب فألقاه بين أيديهم فيه " بسم الله الرحمن الرحيم " ومن الله تعالى لا من أحد سواه .. من أراد بصنعاء سوء كبه الله على وجهه.

مهما كان ما قيل الأثر .. تبقى صنعاء المدينة التي لا يمكن أن تمحوها من ذاكرتك أبدا .. حين أقرأ اسمها لا أدري .. تتزاحم كلمات عديدة في بالي لا رابط بينها ولا رباط سوى صنعاء .. 
البخور، الجو الربيعي طوال السنة، الحنّاء ،عبد العزيز المقالح، آزال، شارع حدة، باب اليمن، أروى، الفضة التي لا يمكن أن تجدها في أي مكان آخر في العالم، القات، حفظة القرآن، المقرمة، شارع الزبيري، الفحسة تغلي داخل المدرة، الجعالة، الجنبية ، ليالي التراويح في رمضان، الخضاب، ميدان السبعين و أغنية يا بنات صنعا القديمة.

إن لم ترَ صنعاء فأنت لم ترَ العالم بعد! في عصور خلت و أزمنة مضت قال الإمام أحمد بن حنبل وهو يترك العراق قاصدا صنعاء .. لا بد من صنعاء و إن طال السفر!
و اليوم أقلب نظري في الخارطة و أتصفح دول العالم في الأطلس و أردد بيني و بين نفسي بصوت هامس:

لابد من صنعاء وإن طال السفر
لا بد من صنعاء إن طال السفر
لابد من صنعاء وإن طال السفر

السبت، 19 يناير 2013

تجاهلهم!





كل من يريد أن يقول شيئا .. سيقوله! لا يوجد قانون يمنع أي شخص من الكلام.

إن أتيت إليك وأخبرتك من الصباح إلى المساء أن فلاناً مخبول .. هل سيجعله هذا مخبولا؟ الحقيقة لا .. ولكن الواقع يختلف تماما! 
نسبة كبيرة جدا من المحيطين بنا يصدرون أحكامهم وتصرفاتهم بناءا على من يتكلم أكثر ومن يلح أكثر ومن يصرخ بصوت أعلى ليُسمِع ما يقوله للجميع!
هناك العديد من الحمقى الذين ظلوا ليل نهار يدعون كي تصبح لندن عاصمة فرنسا! في العالم الطبيعي الذي به مكان للعقلاء لن يحدث هذا .. ولكن عندنا قد يحدث! كل شئ لدينا ممكن .. مادام أن فلانة قالت كذا و كذا هذا وحده يكفي كي يجعل "كذا وكذا" حقيقة عند الكثير! 
كما أن هناك نقطة أخرى تجول ببالي كثيرا هذه الأيام .. يشهد الله أنني من أكثر الداعين إلى التسامح التام .. الحقد لن ينفعنا بشئ في هذه الدنيا .. ولا شئ يدخل الجنة أكثر من أن تبات كل ليلة وليس في قلبك شئ على أحد، ولكن لنفرق بين الأمور .. التسامح شئ والسذاجة شئ آخر!
كنت أتحدث قبل يومين مع صديقة لخصت هذا الموضوع والنقاش في كلمات بسيطة ..  قالت لي:  أنا قد أسامح شخصا من كل قلبي وقد أتمنى له الخير في سري ولا أضمر له أي ضغينة ..و لكن هل يمكن أن ينسى الإنسان كيف تمت أذيته؟ هل يمكن أن ينسى من تكالبوا و تآمروا عليه بدم بارد؟ قد تنسى أذية شخص لا تعرفه ولكن أن يستغل شخص تعرفه كل نقاط ضعفك و يفكر كيف يمكن أن يجرحك و يؤذيك بأكثر كمية ممكنة مستغلا معرفته بك و ثقتك به لسنين طويلة هو شئ لا يمكن نسيانه وإلا أصبحت للحماقة أقرب منك لأدنى درجات العقل!
تريد رأيي؟ كلام منطقي! كل الناس دون أي استثناء من يوم سيدنا آدم إلى يوم القيامة خطاؤون .. وخير الخطاؤون التوابون .. دعوا الخلق للخالق وكل ميسر لما خلق له. كل شخص له طريقه في هذه الحياة .. قد تتقاطع هذه الطرق في نقاط عديدة ثم تعود وتفترق .. هذا جزء من الحياة. الإنسان لا يتمسك إلا بما يظن متأكدا أنه سبب من أسباب سعادته في الحياة. 
لهذا نبدأ رحلتنا في هذه الحياة مثقلين بالكثير من الأشخاص والأشياء، ثم نبدأ شيئا فشيئا بالتخفف من كل ما لايلزمنا، من كل ما ظننا أنه سيفيدنا ثم خابت ظنوننا، حتى لا نبقى في النهاية إلا مع من يسعدوننا و نسعدهم ومع الضروريات التي نحتاجها في هذه الدنيا.
إن كنت ممن يتعمقون في العلاقات الإنسانية ويلاحظون ردود الأفعال ويفكرون كثيرا ستدرك شيئا مهما، الناس كانوا يتكلمون منذ قديم الزمان و يتكلمون الآن و سيتكلمون إلى أن يأذن الله بما في غيبه!
ضع نفسك أنت مكانهم .. لسبب ما أنت اليوم أفضل من فلان في شئ ما .. أيهما أسهل؟ أن يتقبل أنه فاشل وأنه خسر ماكان متاحا بين يديه؟ أو أن يقوم بالطعن فيك لسبب أو لآخر فقط كي يثبت لنفسه أنه أفضل منك و أن ما فعلته لا يساوي شيئا أمام ما تكلم به عنك أمام الجميع؟! تفكير أبله و غبي .. أليس كذلك؟ ولكن للأسف هناك الكثير ممن يفكرون بهذه الطريقة ويتصرفون بهذه الطريقة .. والأدهى أن الأكثر يصدقونهم! 
ما أريد الوصول إليه هو شئ بسيط للغاية .. إن أردت أن تحيا كما تريد لا حل لديك إلا شئ واحد .. أن تتجاهل كل من كان على هذه الشاكلة .. ما يريدونه هو أن يؤثروا فيك .. وصدقني لا شئ يفجع من يكرهك أكثر من كونه يراك سعيدا .. لذا مهما حصل .. كن سعيدا من أعماق قلبك.
يقول الإمام الشافعي:
"من ظنّ أنه قد يسلم من كلام الناس فهو مجنون .. قالوا عن الله ما لايرضاه من القول .. وقالوا عن نبيه ساحر ومجنون .. فما ظنك بمن هو دونهما؟!! "
ابتسم .. هؤلاء موجودون منذ زمان الشافعي! ولكنهم كالطفيليات .. يتغذون على اهتمامك!
تجاهلهم و سيختفون!