الأحد، 22 يونيو 2014

لا ياولدي .. إنه العراق! (2)





تعال يا ولدي أفضي إليك بحزني، أين ذهبت ياولدي؟ ناديت عليك كثيرا ولكنك لم تسمع! تعال أخبرني مالذي يحدث في عراقي؟ ماهذا الجنون المستعر الذي أراه؟ ماهذه الفوضى ولماذا اختلط الحابل بالنابل بهذا الشكل المريع؟ احكي لي ياولدي .. أنا لا أثق بأية قناة فضائية أشاهدها، كلٌ له أجنداته الخاصة ومصالحه التي يحور الأحداث لصالحها ولا أثق بأية صحيفة ولا أثق بأي مسئول وأصبحت أيضا يا ولدي لا أثق بالأغلبية العظمى من الناس لأنهم فجأة تحولوا كلهم إلى كائنات حقودة بغيضة تلعن الطائفية في علنهم و قلوبهم و تصرفاتهم معها في سرهم!
احكي لي ياولدي .. من ضد من؟ ومن مع من؟ حرب أهلية؟ هل أنت جاد؟ يابني هذا شعب عاش سبعة آلاف سنة مع بعضه البعض، لماذا يريدون منه الآن أن يقتل بعضه بعضا؟؟ لا يابني أنت مخطئ .. دعني أنا أحكي لك شيئاً ..
قبل يومين أتاني شخص ممن أحسبه عند الله معتدلا و عاقلا ومثقفا، أتى يشتكي لي أن القوات الحكومية في العراق التي يتمثل معظمها من الشيعة قد قتلوا قريبا له كان قد اعتقل قبل الأحداث الأخيرة كونه سني يشتبه في مؤازرته للفلم السينمائي المسمى داعش، حين تدهورت الأحداث في منطقته، دخل الجندي المسئول عن هؤلاء الموقوفين و أرداهم قتلى برصاصات مباشرة في الرأس، عمر أكبرهم لا يتجاوز الخامسة والثلاثون و معظمهم لديه أولاد و عائلة يعيلها.
أخبرني هذا الشخص بحرقة أن كيف تريدني أن أبقى محايدا و أنا أعلم أن فلان ابن فلان الشيعي قتل قريبي لا لشئ فقط لأنه سني كان تحت رحمته؟ كيف تنادي بالوحدة ونبذ الطائفية وأنا أوقن تمام اليقين أن هؤلاء لا عيش لهم مع هؤلاء مرة أخرى؟ هل تعرف بماذا أجبته ياولدي؟
أجبته أن المشكلة بأكملها في العراق تكمن في هذه النقطة! في التصنيف نفسه .. هذا الشخص حين قتل، قتل لأنه مجرم وشرير وفاسد. لا يهم ما قوميته، إن اختلف يوما مع صديقه الشيعي أيضا سيقتله! القاتل هو شخص قرر أن يأخذ حقا من حقوق الله و ينسبها لنفسه عندما يقرر أن يزهق روحا بيديه، لا يهم إن كان هذا الشخص وثنيا، هندوسيا، مسيحيا، مسلما، سنيا، شيعيا، كرديا أم عربيا!
القتل هو القتل يا ولدي، القتل هو الجريرة الوحيدة التي قال عنها الله في القرآن (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه و لعنه وأعد له عذابا عظيما) .. إنتبه يا ولدي .. يقول الله مؤمنا وليس مسلما، والإيمان هو ما وقر في القلب ولا يوجد هناك بشر على وجه الأرض يستطيع أن يعلم علم اليقين مافي قلب بشر آخر.

لهذا ياولدي أخبرت هذا الشخص إن فكرت يوما أن تأخذ حقك حتى بعيدا عن القانون، خذه من الشخص نفسه لأنه قاتل ومجرم و سئ، لا لأنه شيعي أو سني أو كردي أو عربي، لا تكن مثلهم يا ولدي!
مالم يتخلص العراقيون من هذه العقلية يا ولدي لن تقوم لهم قائمة أبدا، مالم يتخلصوا من تمجيد شخص أو جهة، مالم يتخلصوا من دعم دولة دون أخرى متناسين أن كل الدول عمارها في خرابهم!
كيف تتبع شخصا يريد أن يمسك بكرسي الحكم يا ولدي لأكثر من 8 سنين؟؟!! مافرقه عن صدام الذي تباكينا وقلنا أن دكتاتوريته لم ترد على وجه البسيطة؟! كيف تتبع إرهابيين تراهم رأي العين يحيلون الدنيا جحيما في دولة مجاورة لك و ينصبون أنفسهم قضاة مكان الله يحكمون على الناس من في الجنة ومن في النار؟
كيف تتبع أناسا يدعون للكراهية والانتقام؟؟ كيف تتبع أناسا يدعوك لقتل الآخرين بحجة التطهير من الإرهاب؟ كيف تتبع أناسا يريدوك أن تنضم لهم وتقتل الآخرين لأنهم يوالون حكومة طائفية؟؟!! لا تتبع أحدا يا ولدي .. لا تتبع أحدا!

لقد أهداك الله أعظم شئ في هذا الوجود، أهداك عقلا لم تستطع أكثر الأجهزة المتطورة في عصرنا هذا محاكاة ابتكاره وتفكيره و ردود أفعاله
فكر يا ولدي، فكر بقلبك قبل عقلك، فكر بالله، فكر بالمحبة، فكر بالحق، فكر بالعدل، فكر بالخير، فكر ولا تعطهم عقلك ليفكروا بدلا عنك!

فكر يا ولدي وتأكد أنه لا تزر وازرة وزر أخرى!
لا تزر وازرة وزر أخرى يا ولدي!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق